كيف سيكون المجتمع دون مدارس؟

منذ سبعينات القرن الماضي، كانت كتابات إيفان إليتش عن المدرسة ثوريّة وناقدة للنظام الذي يكرّس التنافسية والسباق المحموم لتحصيل الشهادات العلميّة. إليتش يطرح في كتابه مجتمع بلا مدارس، تمشيّاً تعليميّاً في الحياة من أجل الحياة

في وضوح، نواصل رحلتنا مع هذا الفيلسوف المتفرّد ونقدّم ترجمة لمقاطع من كتابه “مجتمع بلا مدارس” الصّادر سنة 1970 عن دار هاربر ورُو

ivan illich - L'École de Méditation
 

اهتمامي بالتّعليم اليوم مدين به لإيفريت رايمر. قبل اجتماعنا الأول في بورتوريكو في عام 1958، لم يخطر ببالي مطلقًا أن أتساءل عن الحاجة إلى توسيع نطاق التعليم الإلزامي. لكنّنا بدأنا معًا في تطوير رؤية مختلفة للواقع

يمثل نظام التعليم الإلزامي في النهاية بالنسبة لمعظم الرجال عقبة أمام الحقّ في التّعليم.

إنّ تأمُّلاتِي والملاحظات التي أخذتها بين لقاءاتي مع صديقي والتي قدّمتها له خلال محادثاتنا في عام 1970 هي أصل المحاضرات التي ألقيتها في مركز التوثيق بين الثقافات (CIDOC) في كويرنافاكا والتي تشكل اليوم موضوع هذا الكتاب، باستثناء الفصل الأخير، الذي ألهمني محادثة مع إريك فروم حول كتاب باخوفن منذ عام 1967، تم تنظيم عشرات الندوات في CIDOC، كلّ منها يهدف إلى التّحليل النقدي للنظام المدرسي.

 

شارك في هذه الندوات عدد كبير من الناس، بعضهم معروف في الأوساط الفكرية، وآخرون معروفون بعمق أو عمق تفكيرهم، وتناولوا الموضوع من وجهة نظرهم الخاصة. سمح لنا ذلك بتقييم أو التحقّق مما إذا كان انتقادهم قد أدى في المقام الأول إلى إصلاح داخل نظام التعليم أو احتوى على عناصر تشكك في بقاء النظام نفسه. لعب فلانتاين بورمانز، المؤسّسة المشاركة لـ CIDOC والمدير منذ تأسيسها، دورًا مهمًا في تطوير هذا الكتاب. لقد أجبرتني باستمرار على قياس قيمة تأملاتي مقابل الحقائق ليس فقط في أمريكا اللاتينية ولكن أيضًا في إفريقيا. بالنسبة لها يجب أن يعكس هذا الكتاب اقتناعي بأنه، في نهاية المطاف، لا يكفي نزع الطّابع المؤسساتي عن المدرسة، لكن روح المجتمع بأكملها هي مسألة مثل هذه المعاملة.

COVID-19: Education replaced by shuttered schools, violence, teenage pregnancy | | UN News
 

إنّ محاولة ضمان تعميم التعليم من خلال المدرسة هو مشروع غير عملي؛ ستكون فرص النجاح أكبر إذا كانت أعمال المنظّمات الموجّهة في الاتجاه المعاكس لذلك الذي اتخذته المدرسة اليوم.

في الواقع، هذا لا يكفي الرغبة في تغيير موقف المعلمين تجاه الطلاب، وعدم اللجوء إلى مواد تعليمية، إلكترونية أو غير إلكترونية، مرهقة أكثر من أي وقت مضى، ولا حتى تريد تمديد مسؤولية المعلم.

هذه الجهود لا يمكن أن تؤدي إلى تعليم عالميّ. للبحث الذي يهدف في الواقع فقط إلى اكتشاف طرق جديدة لـ “التغذية القسرية“، من الضروري معارضة بحث آخر يتولى تصور “شبكات اتصال” حقيقية للأغراض التعليمية، من خلالها زيادة فرص الجميع لجعل كل لحظة من وجودهم فرصة للتعلّم والمشاركة ومساعدة بعضنا البعض.

ونأمل في هذا الكتاب تقديم مساهمتنا في هذا الجهد، من خلال طرح أفكار من الضروريّ لجميع أولئك الذين يسعون إلى البحث غير التقليدي في مسائل التعليم، وكذلك لجميع أولئك الذين يسعون لإيجاد حلول لها استبدال للمشاريع التي تهدف فقط إلى تطوير إنتاج السلع والخدمات.

 

خلال ربيع وصيف 1970، قمت بتقديم فصول مختلفة من هذا الكتاب للمشاركين في مجموعات دراسة مركز كويرنافاكا. كثير منهم قدموا اقتراحات أو انتقادات، وسيتعرف الكثيرون أنّهم من المساهمين في الصفحات التالية، ولا سيما باولو فريري وبيتر بيرجر وخوسيه ماريا بولنز، وكذلك جوزيف فيتزباتريك، جون هولت، أنجيل كوينتيرو ، لايمان 2 ألين، فريد جودمان، غيرهارد لادنر، ديدييه بيفيتو، جويل سبرينج ، أوغوستو سالازار بوندي ودينيس سوليفان. أود أن أشكر بول غودمان ، منتقديه أجبرني الثاقبة على القيام ببعض التنقيحات ، وروبرت سيلفرز، الذي أحضرني مساعدة لا تقدر بثمن في عرض الفصول 1 و 3 و 6 عندما يتم نشرها منفصلة في نيويورك ريفيو أوف بوكس.

شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعى: